نشرت إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما أجزاء من وثيقة كانت سرية تسمى “الدليل” تتعلق بالضربات التي تنفذها طائراتها المسيرة ضد أهداف في دول عدة من العالم.

وجاء هذا النشر بعد الدعوى التي أقيمت العام الماضي والمتعلقة بحرية المعلومات و صدور أمر من قاضي المحكمة الجزائية الأمريكية كولن ماكماهون في شباط الماضي يلزم وزارة العدل بإصدار الوثيقة المعروفة أيضا باسم “بلاي بوك”.

ونقلت وكالات أنباء عن الاتحاد الأميركي للحريات المدنية قوله إن الإدارة الأميركية نشرت نسخة “منقحة” من الوثيقة تقع في 18 صفحة وتحمل عنوان “تعليمات للسياسة الرئاسية” وهي “تتضمن تفاصيل أكبر نوعا ما من تلك التي سبق وكشفتها الحكومة” وذلك بعد ضغوط ودعاوى قضائية تقدمت بها منظمات حقوقية.

وتحدد الوثيقة القانون والقواعد التي ينبغي على الإدارة الأميركية اتباعها عند تنفيذ هجمات ضد أهداف محددة كما تنص على أن “أي إجراءات بما فيها إجراءات قاتلة ضد أهداف إرهابية محددة يجب أن تكون انتقائية ودقيقة قدر الإمكان منطقيا”.

وبحسب المعطيات فإن ما تقوم به هذه الإدارة يخالف تماما ما تنص عليه الوثيقة التي وضعتها بنفسها حيث أصدر البيت الأبيض مؤخرا بيانا للمرة الأولى كشف فيه أن ما يتراوح بين 64 و116 مدنيا قتلوا في 473 غارة جوية أمريكية جرت معظمها بطائرات دون طيار في الفترة ما بين عامي 2009 و2015 في باكستان وليبيا واليمن و الصومال وشمال إفريقيا.

وأشارت الكثير من المنظمات الحقوقية غير الحكومية والمؤسسات البحثية التي تتابع إستراتيجية غارات الطائرات الأمريكية دون طيار إلى أن هذا العدد الذي صرح به البيت الأبيض تم تخفيضه بشدة حيث قدرت منظمة هيومن رايتس ووتش بأن 57 مدنيا على الأقل لقوا مصرعهم في سبع غارات لطائرات أمريكية دون طيار في اليمن لوحدها في الفترة ما بين عامي 2009 و2013 .

وتؤكد المنظمات الحقوقية أن اختيار الأهداف في هجمات الطائرات الأمريكية دون طيار يتم “فقط على أساس أنماط التصرفات التي ينظر لها على أنها نشاط إرهابي فيما ظلت هويات الأهداف مجهولة” حتى أن هذا المعيار أفسح المجال لشن غارات لبعض الأسباب السخيفة على حد وصفها حيث أطلقت ال”سي آي أيه” غارة بطائرات دون طيار في أفغانستان في شباط 2002 ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص ممن يجمعون القمامة وبررت الاستخبارات الأميركية سبب الغارة بأن “طول أحد المستهدفين هو نفس طول أسامة بن لادن المتزعم السابق لتنظيم القاعدة الإرهابي”.

وأقر اللفتنانت كولونيل المتقاعد مارك مكورلي القائد السابق لمنظومة الطائرات دون طيار في القوات الجوية الأمريكية في تصريحات له في حزيران الماضي بأنه “في الكثير من الأحيان تستخدم الطائرات المسيرة عن بعد كأداة لقتل الأشخاص باستهتار وليس كإحدى الأدوات الكثيرة المستخدمة لمواجهة الشبكات الإرهابية” فيما اعتبر رينير براون الرئيس المشارك للمكتب الدولي للسلام أن “الهجمات بالطائرات المسيرة انتهكت حقوق الإنسان والقوانين الدولية من خلال فشلها في التمييز بين المدنيين والإرهابيين”.