آخر تحديث : الاثنين ( 06-05-2024 ) الساعة ( 5:36:37 صباحاً ) بتوقيت مكة المكرمة
آخر الأخبار :

#عاجل: الاجهزه الامنيه تكشف عن انجاز امني مهم جدا news #تحذير: امطار غزيره وصواعق وتدفق السيول بالمحافظات news #عاجل:سيول وفيضانات مدمرة وانهيارات أرضية تضرب هذه المحافظه اليمنيهnews #عاجل:سيول جارفة وأمطار غزيرة تهدد سلامة سكان هذه المحافظات اليمنية خلال الساعات القادمةnews #روسيا : الضربات الامريكية البريطانية على اليمن غير مقبولةnews #كوبا: تحذر من استمرار العدوان الأمريكي البريطاني على اليمنnews #المرشد الإيراني علي خامنئي تعليقا على بدء الهجوم على إسرائيل: ستتم معاقبة النظام الشريرnews #عاجل: الحدث...اطلاق عدد من صواريخ كروز المواجهه باتجاه إسرائيل news #عاجل: تحذير لكافة المواطنين من مخاطرَ خلال ساعاتnews هذه الدول تعلن يوم غد الثلاثاء المتمم لرمضانnews

بقية نص كلمة للسيد حسن نصر الله في اللقاء الطالبي الجامعي

بقية نص كلمة  للسيد حسن نصر الله في اللقاء الطالبي الجامعي

الجماهير برس - بيروت      
   السبت ( 24-12-2016 ) الساعة ( 7:43:04 صباحاً ) بتوقيت مكة المكرمة

نأتي إلى سوريا، نريد ان نتحدث قليلا عن حلب وعن الوضع العام في سوريا ونعطيه القليل من الوقت لأننا لم نتحدث عن سوريا منذ فترة، كنا نتحدث دائماً بالأوضاع اللبنانية المحلية.

في موضوع سوريا، في موضوع حلب وما يرتبط بالأحداث الاخيرة لديّ عدد من النقاط:

النقطة الأولى:  تابع الناس بالأخبار خلال الأشهر القليلة الماضية أحداثاً ومواجهات وحروباً وقتالاً وغيره في حلب، ولكن إذا جئنا لنكوّن مشهداً جامعاً من قلب الميدان، أودّ أن اقول لكم وللسادة المشاهدين أن الذي جرى في حلب خلال الأشهر القليلة الماضية، ثلاثة أو أربعة أشهر، هي حرب حقيقية من أقسى الحروب التي شهدتها سوريا، بل من أقسى الحروب التي شهدتها المنطقة خلال أعوام، لم يكن الذي يحدث أمراً عادياً على الإطلاق، ابداً.

الدول الراعية للجماعات المسلحة جاءت بعشرات الآلاف المقاتلين، المعارك التي كانت تدور غرب مدينة حلب وجنوب مدينة حلب، يعني غرب المدينة وفي ريفها الجنوبي مع هذه الجماعات المسلحة، لم تكن فقط مع جماعات سورية معارضة، بل كان هناك أعداد كبيرة جداً من الأتراك والأوزبك والطاجكستانيين والشيشان ومن آسيا الوسطى يقاتلون هناك. الذين شاركوا في المعارك خلال الاشهر القليلة الماضية عشرات الآلاف، بينهم مئات الانتحاريين الذين فجروا أنفسهم بأي مواجهة، ليس انتحارياً واحداً أو اثنين، بل عشرة وعشرين انتحارياً في وقت واحد. طبعا عندما تقول “انتحاري” ليس عبوة ناسفة، بل يركب في ملالة، ناقلة جنود، يوجد فيها 3 طن 4 طن 5 طن ويدخل إلى خطوط التماس أو المباني الأولى التي يوجد فيها الجيش السوري أو المقاتلون الآخرون. وتصوروا أنتم مشهد أطنان من المتفجرات يقتحم فيها الانتحاريون بآليات. ما هو حجم الثبات والصمود الذي حصل؟ مئات الإنغماسيين، الذي هو ليس انتحارياً بل يقتحم بمستوى الانتحاري، أسلحة نوعية، إمكانيات هائلة، أموال، دبابات، ناقلات جند، آليات تحمل أسلحة، إعلام..

ولذلك الذي حصل في حلب ـ فقط لتكونوا بالصورة ويكون العالم كله في الصورة ـ هو معركة متواصلة يومية، معركة قاسية، معركة طاحنة، وراهنت عليها كل الدول الراعية للمشروع الآخر، وبنت عليها أحلاماً وأمجاداً، وكان الهدف من هذه المعركة هو إسقاط حلب والسيطرة عليها، وليس إنقاذ أو فقط فتح الطريق إلى حلب الشرقية، لأن حصار حلب الشرقية هو عدة أشهر فقط، أما الحرب على حلب لسنوات.

في الأشهر القليلة الماضية كان عنوان المعركة التي رفعتها الجماعات المسلحة ورعاتها: ملحمة حلب الكبرى معركة فتح حلب، أليس هذا ما قالوه هم في الإعلام؟

ولذلك اليوم عندما نقف أمام هذا الانتصار وأمام هذا الإنجاز يجب أن نعرف وأن نستحضر في البداية حجم التضحيات الجسيمة من شهداء وجرحى ومدنيين وأيام صعبة وتحمّل قصف ومواجهات حادة حصلت خلال أشهر من قبل الجنود والضباط والمقاومين وبقية المقاتلين في تلك الجبهة.

النقطة الثانية، يعني أريد أن أقول موضوع حلب لم يأتِ هكذا مثل أي معركة، لا، معركة عمرها سنوات لكن عمرها الأخير عدة أشهر حرب متواصلة يومية، وضغط ضغط ضغط، يحصل الهجمات الأولى تنكسر، ثاني يوم الهجمات الثانية، ثالث يوم الهجمات الثالثة، رابع يوم الهجمات الرابعة، وتشعر أن هناك حجماً من المقاتلين كأن لا أب لهم ولا أم، يؤتى بهم من كل العالم ليقتلوا هناك.

النقطة الثانية، تبرير الجماعات المسلحة الهزيمة في كل معركة حلب، لأننا نحن لا نتكلم هنا فقط عن الهزيمة في أحياء حلب الشرقية، معركة حلب كلها، في الأحياء الشرقية وفي غرب حلب وفي الريف الجنوبي، الذي وصل إلى هذا الانتصار والإنجاز، تبريرها بموضوع حجم الدعم وأن الدول الراعية لها خذلتها ولن تدعمها وتركتها، هذا خاطئ وليس بصحيح وليس له أساس.

حجم الدعم الذي قُدّم للمعركة في حلب من خارج المدينة ومن داخل المدينة، من قبل هذه الدول، تسهيلات، حشد المقاتلين الأجانب، الإمكانيات، الأموال، الأسلحة، شيء مذهل جداً.

وهنا دعوني أقول ما يلي فيما يتعلق بكل سوريا، يا إخواني وأخواتي باعتراف جو بايدن، باعتراف كلينتون، باعتراف الأميركان، المال الذي أنفق في سوريا مئات المليارات من الدولارات، عشرات الآلاف من الأطنان، أطنان السلاح والذخائر جيئ بها إلى سوريا، اسمحوا لي أن أجري مقارنة برسم الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، ما قدمه العالم والدول العربية ـ لأن أغلب الأموال من الدول العربية ـ ما قدموه من دعم ومال وسلاح وذخيرة على المستوى المادي واللوجستي ومن دعم إعلامي وسياسي للحرب على سوريا خلال ستة أعوام يفوق بعشرات المرات، وغير قابل للقياس، بما قدمه العالم العربي من دعم للشعب الفلسطيني خلال أكثر من ستين عاماً. احسبوها، بالمال وبالسلاح وبالذخيرة وبالدعم السياسي، بالمؤتمرات، مؤتمرات أصدقاء سوريا، كم مؤتمر؟ حتى كلام، كم عقدوا مؤتمرات لفلسطين على ستين سنة وكم عقدوا مؤتمرات للجماعات الإرهابية في سوريا خلال ست سنوات؟
الحقيقة هي أن الدول الداعمة للإرهاب في سوريا لم تقصّر لا في دعم السلاح ولا في دعم الذخيرة ولا في دعم المال ولا في الدعم السياسي ولا في الحصار ولا في العقوبات ولا في التحريض الإعلامي ولا بالأكاذيب وبالتضليل وبالفتن الطائفية والمذهبية. نعم، ما لم تفعله هذه الدول أنها لم ترسل الجيش السعودي أو الجيش القطري أو الجيش الفلاني ليقاتل في سوريا، وفّرت أبناءها، ولكن الآن التركي تورط وبدأ يذوق طعم تورطه، بدأ أولاده يُقتلون على الأرض السورية، بل يُحرقون على الأرض السورية، وبأيدي من رعاهم وقدّم الدعم لهم.

حجم الدعم الذي قُدّم للجماعات المسلحة في سوريا حتى لا يقاس، ترون معركة أفغانستان، اجمعوا أفغانستان، وانظروا كم قدّم من المال والسلاح والتدريب والذخيرة والدعم السياسي والإعلامي والديني والثقافي والذي تريدونه لأفغانستان على مدى سنوات طويلة، ولكنه لا شيء أمام ما قدّم للحرب على سوريا بست سنوات.

ولذلك الذي حصل في سوريا هو ليس نتيجة ضعف الدعم للجماعات المسلحة، بل نتيجة أن في سوريا قيادة وجيشاً وشعباً وحلفاء ومقاومين أصروا أنه لا، لا نريد أن نستسلم، وسنواجه، وسنمنع سيطرة داعش والنصرة والإرهابيين على سوريا، وكان عندهم بصيرة وعندهم فهم للمشروع وعندهم إرادة قتال وعندهم عزم على تحقيق الإنتصار، هذا الذي حصل.
هذه النقطة الثانية، النقطة الثالثة، أثناء معارك حلب خصوصاً في الأشهر القليلة الماضية، الآن نحن لأننا جزء من المعركة وجزء بالتالي من الاتهام وكلنا معنيون أن نوضح.

قيل الكثير عن هذه المعركة، الكثير من التضليل الإعلامي والكثير من الأكاذيب، مثلاً جيئ بصور من الضاحية الجنوبية من حرب تموز وقدّمت في الإعلام العربي والعالمي على أنها حلب، جيئ بمجازر ارتكبتها إسرائيل في حرب تموز وقدّمت على أنها في حلب، جيئ بمجازر ودمار في غزة في حروب غزة قامت بها إسرائيل وقدّمت على أنها في حلب.

والأنكى من ذلك، اسمحوا لي أن أقول الأنكى والآلم من ذلك، أنه جيئ بأطفال اليمن، هناك نقاش أنه في حلب هناك أطفال ماتوا جياعاً، بالحد الأدنى اذهبوا وأجروا تحقيقاً، نحن نقول لا، اذهبوا وأجروا تحقيقاً، ولكن كل العالم يعرف أن آلاف الأطفال في اليمن يموتون جوعاً وكل ساعة وساعتين وثلاثة بالجوع وبالمرض، ومن سنة ونصف، وبسبب الحصار السعودي لليمن والحرب على اليمن والقصف لكل شيء في اليمن، مستشفيات ومراكز ومستوصفات ومدارس وبيوت وكذا، وأطفال اليمن يموتون أمام مرأى العالم، ليس أنه نريد أن نركّب فلم من غزة نقول هذا بحلب أو بالضاحية ونقول هذا بحلب، هذا العالم كله يشهد، هؤلاء أطفال يمنيون، يتكلمون باللهجة اليمنية، الصورة آتية من اليمن، نقلتها مؤسسات دولية، وبدل أن كل من يدعي أنه شريف وإنساني وحقوق إنسان وعنده غيرة على الناس بدل أن يقف ويقول كلمة الحق في وجه الذين يحاصرون اليمن ويقتلون الشعب اليمني ويميتون أطفال اليمن جوعاً ومرضاً، يأتي بصور أطفال اليمن ليقول هؤلاء أطفال حلب يموتون جوعاً ومرضاً. حسناً، ورُكبت أفلام ومُثلت أفلام و”مُنتجت” أفلام وكله قيل في حلب، حصل حديث عن 300 ألف محاصر في حلب، هذه حلب انتهب أين الـ 300 ألف؟
على كلٍ، يمكن للإعلاميين “إذا حدا هكذا يفضي باله قليلاً أو جهة معينة، فقط إذا تعمل وثائقي ترى العربية والجزيرة والفضائيات العربية والـ CNN والـBBC ولا أعرف مَن”، خلال ثلاثة أشهر ماذا قالوا عن حلب وبعد تحرير حلب ماذا تبيّن في حلب؟ ليبان حجم التزوير والتضليل، طبعاً لا نقول كان هناك “شمّة هواء” في حلب، كان هناك حرب في حلب، هناك قتال، معركة قاسية ودامية، ولكن هذا الذي كان يفبرك ويقال ليس له أي أساس من الصحة ويجب أن نستفيد من هذه التجربة حتى لا يقع الناس في التضليل الإعلامي.

رابعاً، في المشهد الإنساني، أصبح لنا أسبوع كنا نشاهد المدنيين يخرجون من شرق حلب ويخرج أيضاً المسلحون وبسلاحهم الفردي، طبعاً ممكن أي أحد يقول يا سيد أنت ليس شغلك أن تدافع عن النظام في سوريا، الآن نحن في معركة واحدة، شغلتي أو ليس شغلتي لكن اسمحوا لي هنا أن أقول ما يلي: أريد أن أسألكم سؤالاً وأسأل العالم كله والناس كلها، اذكروا لي مدينة سيطرة عليها داعش أو حاصرتها داعش أو سيطرت عليها جبهة النصرة وهذه الجماعات التكفيرية المسلحة ودخلت إليها وسمحت أن يخرج المدنيون منها سالمين، أو سمحت للمقاتلين الذين كانوا يقاتلون فيها أن يخرجوا سالمين، ليس بسلاحهم الفردي، ولكن عزّل، اعطوني مثلاً واحداً. أتحدى العالم كله أن يعطيني مثلاً واحداً، في سوريا، في العراق، في اليمن، في ليبيا، في نيجيريا، في كل مكان يقاتل هؤلاء، أعطوني مثلاً، أنهم هم غالبون وهم مسيطرون والمعركة محسومة، ومع ذلك قبلوا أنهم يجروا اتفاقا ويفتحوا الطريق ويخرج المدنيون، والمقاتلون يخرجون بسلاحهم.

هؤلاء الذين تقول عنهم أميركا والغرب والسعودية وتركيا والكل جماعات المعارضة المعتدلة الديمقراطية التي تطالب بالديمقراطية في سوريا والعراق واليمن ولا أعرف أين. أما النظام السوري المتوحش، النظام السوري المتوحش، يقبل باتفاقية يخرج الناس فيها سالمين وبأمان، ليس فقط في حلب، هذا حصل في حمص، بالمدينة القديمة التي كانت محاصرة، في كل مدينة أو بلدة يقبل الناس والمسلحون أن يعملوا فيها تسوية في سوريا يعمل تسوية.

في خان الشيح قاتلوا حتى اليأس، آخر شيء قالوا نريد أن نعمل تسوية، كان يستطيع النظام أن يقول أنا لا أريد أن أعمل تسوية، أريد أن أدخل وأقتل وأدمر وأمسح وأحسم عسكرياً، لكن قبل أن يعمل تسوية، عدد كبير من المسلحين سلّم سلاحه وبقي والناس بقوا وأهل البلد بقوا، وهناك أناس ذهبوا إلى إدلب. ولمعلوماتكم بعض المسلحين الذي يرحلون إلى إدلب يعودون ويسوون أوضاعهم مع النظام.

هذا يحصل في المدن وفي القرى وفي البلدات، أين هناك حرب، تقولون نظام متوحش، دلوني على حرب خاضتها بعض هذه الأنظمة العربية وعندما كانت تغلب على قرية أو مدينة كانت تقبل بالتسوية، هذا دعونا نشهد فيه، نقول هذا هو الحق.

عندنا فوعة وكفريا محاصرة من قريب السنتين وتدافع عن نفسها ويدافع عنها أيضاً من الخارج، يقال تعالوا نعمل تسوية، هناك ملف إنساني كامل تعالوا نحلّه مع بعضنا البعض، مضايا الزبداني ـ الفوعة كفريا، لا يقبلون، وبالكاد يقبلون مثل ما حصل بالمعالجة الاخيرة، حيث خرج 1200  إلى 1300 رجل وأمرأة وطفل، كبار سن ومرضى وجرحى من الفوعة وكفريا. للاسف الشديد، في الليالي الاخيرة احتجزوهم رهائن، يعني خلاف الوعد والاتفاق والالتزام والكلمة والقول، لماذا؟ لانهم يريدونهم رهائن. اذا يجب ان يأخذ من تجربة حلب، طالما نتكلم عن حلب.

النقطة ما قبل الاخيرة في الموضوع السوري، الأكاذيب حول التغيير الديموغرافي،  وهذا الموضوع يتهمون به النظام  وكذلك نحن أيضا. أين يوجد تغيير ديموغرافي في سورية؟!

حسنا، هذه خان الشيح بقي أهلها فيها، دمشق بقي أهلها فيها، محيط دمشق بقي أهلها فيها، حلب أهلها فيها، غرب حلب أهلها كلهم فيها وشرق حلب أهلها سيعودون إليها، وفي أغلب المدن عادت الناس اليها.
من يريد ان يغيير ديموغرافيا في سورية؟! نعم يمكن القول أنه يوجد استثناء في داريا نتيجة الوضع الامني، لكن الافق بأن الناس ستعود إليها في اي لحظة من اللحظات.

في التسوية في الفوعة وكفريا والتي اتكلم عنها، نحن نقول لهم بأن أهل الفوعة وكفريا يريدون ان يخرجوا وأهل مضايا يبقون، أهل الزبداني يعودون، لا يريد احد ان يغير ديموغرافيا في سورية، لا النظام ولا حلفاء النظام، الذي غيّر ديموغرافيا في سورية هي الجماعات المسلحة. اذهبوا الى مناطق سيطرة المسلحين، هل تجدون من أتباع الديانات الاخرى ؟! هل تجدون من اتباع المذاهب الاخرى ؟! هل تجدون من أتباع الخطوط السياسية الاخرى؟! من قام بالتغيير الديموغرافي ؟! النظام او المسلحين والجماعات المسلحة؟؟! ليس تغييراً ديموغرافياً على اساس الدين والطائفة والمذهب، بل حتى على اساس الخط السياسي. في مناطق المسلحين اذا كان هناك سنياً يخالف رأيهم او تنظيمهم يقتل او يطرد او يهجر، اليس هذا ما حصل عند داعش وجبهة النصرة؟! اليس هذا ما يحصل بين الجماعات المسلحة ؟! اما عند النظام، لا يوجد تغيير ديموغرافي.

النقطة الاخيرة في الموضوع السوري لنتكلم بعدها بالموضوع اللبناني، معركة حلب إذا كنا نريد أن نوصفها، الآن، نحن لا نريد أن نبالغ أو أي شيء آخر، نريد أن نكون واقعيين، لا نريد أن نزهد بالانجاز ولا نريد ان نبالغ فيه. يعني يمكنني أن أقول بأن الحدث عادياً، ولم يحصل شيء، وهذا أمر طبيعي وهذه معركة من معارك سورية، في هذه الحالة نكون قد أذهبنا قيمة الموضوع، أو أن نأتي ونقول بأن المعركة قد انتهت في سورية، لا هذه مبالغة، لكن ممكن أن نقول: هي هزيمة كبرى، إحدى الهزائم الكبرى للمشروع الآخر، للمحور الآخر، وببساطة هي انتصار كبير لهذه الجبهة المدافعة والمواجهة للارهاب، وهي تطور كبير وبالغ الاهمية، على المستوى العسكري والسياسي والمعنوي لجبهتنا.

أتريدون ان نفهم المشهد أكثر، فلنفترض أنه لا سمح الله بأن حلب سقطت بيد الجماعات المسلحة، كيف سيكون الوضع اليوم، الوضع العسكري والسياسي والمعنوي والاعلامي؟ أين كان العالم؟

فلنأخذ مثلاً آخر، مثلما كنا نتكلم في العام 2006، لو هزمت المقاومة في لبنان؟ ماذا كان ليحصل بلبنان والمنطقة؟ لو حلب سقطت في أيديهم، ما الذي كان ليحصل؟ هذا بحد ذاته عدم حصوله هو من أعظم الانجازات لاستعادة حلب.

لا يعني ‏انتهاء المعركة لا يعني حسم المعركة، صحيح. ولكن ، في النتائج الكبرى ‏لمعركة حلب يوجد شيء، دعوني أكون واضحاً فيه وهو أن المشروع الذي كان يقول اسقاط، كان هناك مشروعان، أوكان هناك هدفان، يوجد هدف ‏اسمه اسقاط النظام، وهدف آخر اسمه السيطرة على كل سورية، ممكن ان يسقطوا ‏النظام لا سمح الله، ولكن ان لا يسيطروا على كل سورية، لانه يوجد مناطق تصبح ‏عصية عليهم مثلا. مثل ما يحصل عادة بالدول، وتكون النتيجة حرب أهلية طويلة، ‏لكن يكون قد حقق هدف اسمه اسقاط النظام، لذا يوجد هدفان، الاول هو اسقاط النظام ‏الذي هو الممر اللازامي للسيطرة على كل سورية، والذي هو هدف أعلى، اليوم بعد ‏حلب، يستطيع المرء أن يقول مطمئنا أن هدف اسقاط النظام سقط، هذا الهدف سقط، ‏هذا الهدف فشل، هذا البرنامج فشل في تحقيق هدفه، لماذا؟  لأن النظام الذي معه دمشق ‏والذي معه حلب، الآن، أصبح بامكانك أن تتكلم، أكبر مدينتين في سورية، وخذ عدد ‏السكان في دمشق وحلب ومعه حمص ومعه مدينة حماة ومدينة اللاذقية وطرطوس ‏والسوداء ووو، هذا نظام موجود وقوي وفاعل ولا يستطيع احد في العالم ان يتجاهله او ‏يدعي بان هذا النظام قد انتهى وقد سقط، وهذه احدى الدلالات السياسية الكبرى ‏للانتصار بمعركة حلب.

الآن انتصار حلب لا يعني أن مشروع تدمير سورية سقط، ‏وأن المشروع من أجل الحرب على سورية انتهى، لا أبدا الجماعة “مكفيين”، ومن هنا ‏أنا أريد أن أبني وأقول، نعم نحن أمام مرحلة جديد في الصراع في سورية، جبهتنا ‏تتقدم بشكل كبير جدا، تقدمت بانجازاتها بانتصاراتها، ولكن المسؤولية والمواجهة ما ‏زالت كبيرة، المرحلة المقبلة يجب ان تتركز على تثبيت مدينة حلب، وعلى محيطها ‏وأمنها وأمانها لأنه من المؤكد أن الجماعات المسلحة ستعمل على استهداف المدينة وعلى ‏استهداف محيط المدينة، والرعاة الذين ليس لديهم مشكلة، فقط يدفعون فلوس ويشترون ‏سلاح ويأتون بالمقاتلين من كل انحاء العالم، لن يسلموا ولن يستسلموا ولذلك يجب ‏علينا وعلى الجميع ان نكون حذرين. الأولوية يجب ان تكون تثبيت هذا الانجاز، ‏ترسيخ وتمكين هذا الانتصار ليبنى عليه ميدانيا، وأيضا ليبنى عليه سياسياً، من جهة أخرى انتصار حلب يمكن ان يفتح افاقاً جديدة أمام حلول سياسية، أمام حل سياسي،  أامام معالجات سياسية.

انتصار حلب وفشل المحور الآخر يمكن أن يدفع ببعض الدول ‏لأن ىتصبح واقعية وان تنظر الى الامور بمنظار مختلف، هذا الحل السياسي الذي ‏عطله حتى الان الاميركيون والسعوديون وكثيرون، لانهم يتجاهلون الحقائق الشعبية ‏والحقائق الميدانية، حلب غيرت الكثير في هذه الحقائق الشعبية والميدانية والتي يجب ‏ان يبنى عليها ميدانيا في الميدان، هذا الانجاز طبعا، هو انجاز لكل الذين قاتلوا ‏وصمدوا وضحوا في حلب من سورين وحلفاء، ولكن من موقع الحلفاء دعوني أقول بعد ‏الله سبحانه وتعالى الأصل هو للسوريين أنفسهم، للقيادة السورية، للجيش السوري، ‏للشعب السوري، للسوريين الذين اخذوا قرار الصمود والمواجهة والا لو ان السوريين ‏انفسهم، القيادة السورية والجيش السوري والشعب السوري لم يأخذوا هذا القرار، كل ‏الحلفاء، ماذا يستطيعون ان يفعلوا؟ الحلفاء هم عامل مكمل، عامل مساعد، عمال متمم، ‏لكن يبقى الاصل هو للسوريين انفسهم، الذين هذا بلدهم، وهذا مصيرهم، وهذا مستقبلهم، ‏وهم يصنعون مستقبل بلدهم بل مستقبل المنطقة كلها.

قبل ان اتحدث عن الوضع ‏اللبناني، فقط وقفة سريعة لان ما حصل في البحرين أول أمس، يدل للاسف ‏الشديد أن الحكومة البحرانية لا تعمل بعقل ولا زالت مصرة على ارتكاب الحماقات، ‏وكادت ان ترتكب حماقة بالامس لولا تصدي الشباب البحريني واهل الدراز والبلدات ‏المحيطة للشرطة البحرينية التي حاولت الاعتداء على منزل سماحة اية الله الشيخ ‏عيسى قاسم، وهذا شاهد على ان الشباب البحريني والشعب البحريني لم يستسلم ولم ‏يسلم ولن يسلم قائده. ومجددا دعوة لهذه الحكومة في البحرين الى التعقل، وان لا تأخذ ‏الامور الى المكان الذي ستندم عليه كثيرا، هي ومن يدعمها ومن يدفعها لارتكاب هذه ‏الحماقة.

في الوضع اللبناني، طبعا، تألفت الحكومة بحمد الله، الان بالحد لادنى لم تأخذ ‏شهرين او ثلاثة اشهر او ستة اشهر او 11 شهرا، هذا يعبر عن ايجابية، وكما قلت ‏بالخطاب السابق انه حقيقةً لا أحد كان يريد ان يعطل تشكيل الحكومة، الكل يريد ‏تشكيل الحكومة ولكن كان النزاع، وهو نزاع طبيعي على هذه الحقيبة وعلى تلك الحقيبة ‏وعلى تمثيل هذه الجهة او عدم تمثيل هذه الجهة، حسنا، هذا انجز.

البيان الوزاري، ‏اعتقد انه من المفترض ان لا يكون فيه صعوبات وعقد، والامور تميل الى انها ستكون ‏ان شاء الله سهلة والنوايا طيبة وجيدة، لذلك الجهد الان يتوجه باتجاه  قانون الانتخابات، ‏لكن هنا اسمحوا لي ان اقول بان الحكومة التي ستنجز البيان الوزاري، الحكومة ‏التي ستحصل على ثقة المجلس بطبيعة الحال نتيجة ان أغلبية الكتل البرلمانية ممثلة ‏في هذه الحكومة لا يجوز ان تعتبر نفسها حكومة انتخابات فقط ، خلال خمسة ‏اشهر او ستة اشهر اذا حصل تمديد تقني، شهرين او ثلاثة اشهر، يعني ممكن ان تكون ‏هذه الحكومة ستة اشهر، سبعة اشهر، ثمانية اشهر، يجب ان تتحمل كامل المسؤولية تجاه الشعب اللبناني، على المستوى الامني، الاقتصادي، السياسي، المعيشي، الاجتماعي، ‏الاعماري، المناطق المحرومة، قضايا الناس، ولا يجوز للحكومة او لاي جهة في ‏الحكومة ان تبرر غدا عجزها او تقصيرها بالقول انه ليس لدينا مسؤولية، نحن حكومة ‏انتخابات، نعم احدى اهم اولويات هذه الحكومة اجراء الانتخابات، لكن هي حكومة ‏كاملة المسؤولية وكاملة الصلاحية ويجب ان تتحمل مسؤوليتها كاملة.

نذهب الى قانون ‏الانتخاب، طبعا نحن نؤيد النسبية الكاملة. ولكن في نفس الوقت نحن ندعوا الى حوار ‏شامل مع كل القوى السياسية في لبنان، ونتفهم مخاوف البعض وقلق البعض، ويجب ان ‏يؤخذ هذا بعين الاعتبار. اود هنا مجددا بموضوع قانون الانتخاب، ان اقول شيئا، ‏دائما ما كنا نقوله، بالنسبة لنا نحن بشكل خاص، خصوصا الان بعد انتخاب الرئيس ‏وتشكيل الحكومة، عاد بعض الناس ليقولوا لك هذه حكومة حزب الله، مثل ما كانوا يقولون في ‏زمن الرئيس نجيب ميقاتي.

حسنا، اذا حكومة الرئيس نجيب ميقاتي حكومة حزب الله، وحكومة الرئيس سعد الحريري حكومة حزب الله،” على كل حال صيت الغنى أحلى من صيت الفقر”، لكن هذا غير صحيح، ليس غير دقيق، ليس صحيحاً. يعني إما أن تكون حكومة حزب الله أو تكون حكومة متآمرة على حزب الله لا يوجد حل ثالث، رابع، خامس..

كان دائماً يقال أن حزب الله يريد السيطرة على البلد، يريد السيطرة على مفاصل (البلد) ، أي مفاصل دولة وأي بلد، وأي حكومة، وأي وزارات؟! هذه اتهامات باطلة يتلطى خلفها بعض القاصرين والمقصرين والعاجزين أن حزب الله يريد السيطرة على البلد.

أعود وأكرر، نحن لا نريد أن نسيطر على البلد، وإذا تريدون أن أقسم لكم يميناً معظماً، لو جاءت القوى السياسية الآن، والأحزاب السياسية كلها وقالت يا حزب الله، ليس يا ثنائي شيعي، يا حزب الله: رئيس الحكومة منكم، والوزراء كلهم منكم، والحكومة كل وزرائها من حزب الله، ونحن موافقين وتعالوا ديروا البلد وحلوا مشاكل البلد نقول لهم : شكراً لكم، الله يخليكم لا تقتربوا منا، لأنه لا يوجد إنسان عاقل يقبل لوحده ، ليس قصة زهد، حتى بالعقل، يقبل أن يحمل مسؤولية بلد فيه هذه الصعوبات والتراكمات، قرابة 100 مليار دولار دين، وفي ظل هذا الوضع القائم في المنطقة من يفكر أنه يريد أن يحكم أو يسيطر أو يديرحتى لو وضعنا الموضوع الأخلاقي والزهد جانباً.

“قصة أننا نريد أن نسيطر على البلد”، أتمنى إذا كان هناك أحد ما في لبنان يفكر بهذه الطريقة  وبهذه العقلية أن ينتهي من هذا الموضوع. نحن جدياً وحقيقياً وواقعياً، نحن نريد الشراكة، وشراكة الجميع، نحن الذين كنا   نقاتل من أجل قيام حكومة وحدة وطنية إضافة إلى آخرين غيرنا، نحن كنا نقاتل من أجل تمثيل الجميع في أي حكومة، هذا ليس لأننا نريد أن نسيطر على البلد، لأن هذا البلد خياره وقدره ومصلحته أن يشارك الكل.
لذلك، عوداً إلى قانون الانتخاب، نحن مع حوار كامل مع كل القوى السياسية، حوار شامل، يُؤخذ بعين الاعتبار، يعني نريد أن نجمع ما بين الصيغة والقانون الانتخابي الأمثل والأحسن والأفضل وفي نفس الوقت نريد أن نأخذ الهواجس ونقاط القلق ونحاول أن نصل إلى مكان ما. لكن بالتأكيد ليس على قاعدة العودة إلى قانون الستين.

بالنسبة إلى البلد في المرحلة المقبلة، الناس تذهب لمناقشة قانون الانتخاب، الذي أعرفه أنا حتى أطمأنكم، الظاهر في أجواء نقاشات قانون الانتخاب، الأجواء طيبة وإيجابية ومنفتحة، ومن الظاهر أن الأمور غير صعبة كما كانت قبل سنتين ونصف أو قبل سنة ونصف عندما كنا نناقش والظاهر أن الناس تريد الوصول إلى نتيجة، وهذا يعني أن بلدنا إن شاء الله يدخل في مرحلة استقرار سياسي، استقرار أمني، فرصة للتلاقي، فرصة للعمل، هذه نتيجة طيبة بانتظار الانتخابات النيابية المقبلة التي يجب أن نحرص عليها جميعاً، لكن يجب أن يبقى الحذر على كل حال. على المستوى الأمني، لأن الجماعات الإرهابية غاضبة من هزيمتها ومن فشلها، وأيضاً على المستوى السياسي حتى لا يكون هناك أحد ما في البلد لا زال يفكر أنه يعيش على الصراعات وعلى الحروب وعلى النزاعات الداخلية.

مستقبل هذا البلد كما كنا نقول  دائماً، مرهون بتعاون الجميع وتعاضد الجميع وتفهم الجميع للجميع، هذا ما ندعو إليه أيضاً في هذه المناسبة.


قناة المنار
جميع الحقوق محفوظة لـ © الجماهير برس RSS